أصبحَ العبادُ (يومَ الإثنين) على ثلاثِ طوائف! فإلى منْ كنتَ؟
أبو همام السعدي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لكَ الحمدُ على نعمةِ الإِسلام , ولك الشكرُ على منحةِ الإِفهام , كما نحمدكَ على فضيلةِ الهِداية , والرشادِ من الغِواية , وعلى هدايةِ الاتِباع ونبذ
الاخترِاع , كما
نشكركَ على نورِ القرآن, وضياء سنةِ النبيِّ العدنان .
* أقعدني مجلسٌ معَ والِدي –حفظه الله ورعاه- ألِفتُهُ من محاسنِ المجالس , ومن مكارم المئانس , حوتْ –بإذن الله- بحفوفِ الملائكةِ , وطردتْ –بإذنِ الله- مخانسَ
المخانثة , تُليَ بها أصولَ الإسلامِ ومكارمَه , نُصرَ بها أسس الدينِ وقوائمَه , في زمنٍ اعرورشتْ فيه الفتنُ والبلايا , وانتشرتْ فيه البدعُ والخبايا .
وَهَذَا زمَانُ الصَّبرِ من لَكَ بالَّتي *** كقَبضٍ عَلَى جَمْرٍ فَتَنْجُو مِنَ البَلا
وهذِهِ الأيام التي تمضي بنا كموجِ البحرِ وهيَجَانِهِ , وتُسرع بنا السيرَ كجريِ الفرَس في عرصَاتِهِ وقيعانِه , تظهرُ فيها الأبَاطيلُ الأعاجيب , وتسمو فيها الأكاذيب
الألاعيب , من
البدعِ الغَرائب , والأعيادِ العوائد , والعواشق المشارق , فصارَ الإسلامُ آنذا غريبًا , وصارَ أهل السُّنةِ في هذا الزمان غرباء , (وطوبـى للغـرباء) .
وإذا الزَّمان كساكَ حلَّةَ معدَمٍ *** فالْبسْ لها حللَ النَّوى وتغرَّبِ
ولقد شهد المسلمون في هذه الأيام بدعًا طالمَا عادتْ على محبِّيه بالخزي والهوان, والسقطِ من الأفعال والأقوال من الكلام
فأصبحَ الناس (يومَ الاثنينِ) المشهودِ من أسبوعنا الماضي على طوائفَ ثلاث: فأمَّا الأولى فأصبحتْ للتَّأهبِ لعيدِ الحُب في الجبِّ , وهو ما يسمى
عندهم بـ(فالنتين) فتدهنَّوا بالدهانِ الأحمرْ , وتحنوا بالحنَّاء
المخضَّبْ , وأرفقَ بعضُ أهلِ حيٍّ –
مساهمةً ومناصرةً- لونًا من (الحميرِ) -أجلكم الله- وزيَّنوا الحُمُرَ بالكتانِ الحافرْ , واللباسِ الأحمرِ العاطر, ودِيرَ بهِ في الأسواق ! ليرى الأخلاَّء نوعًا جديدًا من الأحباب! .[/color]
فبالعقلِ تُستَوفى الفضائِل كلَّها *** كمَا الجهلُ مستوفٍ جمِيعَ الرَّذائلِ
* ما سمعوا حديثَ أنسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ-في (السنن) إذ يقول: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ « مَا هَذَانِ
الْيَوْمَانِ ». قَالُوا
كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ ».
وأما الثانيةُ: فأصبحتْ ترفعُ شعارَ (حبِّ الرسولِ والفرحِ لمولِدِه) نعمْ .. لمَ لا ؟
لمَ لا نفرحُ وهذا يومٌ (توفي فيهِ النبيِّ الأمين والرسول المبين)! فقد نالَ العبيديونَ مرادهم ومبتغاهم, سبحانَ الله !
ما أنشأتهُ هذه الطائفةُ العيدَ إلاَّ لوفاةِ نبينا (صلى الله عليه وسلم) وهؤلاء الجهلاء يظنونَ أنهم يحتفلون (بمولدِ النبي) وما أنزلَ الله به من سلطان.
والجهلُ داءٌ قاتلٌ وشفاؤُهُ *** أمرانِ في التَّركيبِ متَّفقانِ
نصٌّ من القرآن أو من سنَّةٍ *** وطبيبُ ذاكَ العالمُ الربَّاني
* ما سمعوا حديثَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- في (الصحيح) إذ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ.
لم يفتأِ النَّاس حتَّى أحدثُوا بِدعًا *** في الدِّينِ بالرَّأي لمْ يُبعثْ بها الرسلُ
وأما الثالثةُ: فأصبحتْ على نورٍ من الهدى المبين, وعلى استضاءةٍ من الشرعِ الحكيم, أصبحتْ (صائمةً) اتباعًا وحبًّا واقتداءً لرسولِ الله -
صلى الله عليه وسلم-! كما جاءَ في
الخبرْ أنَّ رسول الله «سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ قَالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهِ ». وذلكَ لأنَّ رسول الله قالَ « تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِى كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ
يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ». أي نعم...التزَمَ النبيُّ صيامَهُ فالتزموه! شرعَهُ ربُّ العبادِ فطبَّقوه! فلا نزاع مُناضِل! ولا تشكيك مُعاضِل!
فأيُّ الطوائفِ في هذا اليومِ كانتْ إلى الثوابِ أسنى؟ وإلى التطبيقِ أنجى؟
أفلحَ الجهلةُ العوام! أم الصوفية الهوام! أم أهل السنةِ الكرام ؟
-نعم..أنعمْ بهذا النعيم-
نورٌ استضاء بالشريعةِ الغراءة...
ضياءُ استنار بالقرآن الكريم والسنَّة الشريفة...
وضَّاءٌ استكانَ لهدي الصحابةِ الكرام والتابعين لهم بإحسان..
وبالسنَّةِ الغرَّاءِ كنْ متمسِّكًا *** هيَ العروةُ الوثقى التي ليسَ تُفصِمُ
تمسَّكْ بها مسكَ البخيلِ بمالِهِ *** وعُضَّ عليهَا بالنواجذِ تَسلمِ
ودعْ عنكَ ما قد أحدثَ النَّاسُ بعدها *** فمرتَعُ هاتِيكَ الحَوَادثُ أوخَمُ
فاللهم ألحقنا بركبِ المتبعين..واجمعنا بهمْ يوم الحشرْ العظيم..واغفرْ لنا اللهم مما سطَّرتُهُ أناملنا.. فما يعالجُ الهوجَانِ بغيرِ ما تسطيرِ..