ليسأل كل منا نفسه لماذا خلقنا الله.. سيرد كل واحد أنه خلقنا لنعبده.
وهل أنت تسير على الطريق السليم أم أنك تسير بلا هدف ولا وجهه؟ لقد مضى من عمرك 15أو 20 أو30 أو... أو أكثر أو أقل..
فماذا قدمت لنفسك وهل أنت راضٍ عما قدمته؟
لقد
مر من عمرك ما مر، فلا تغتر بستر الله عليك؛ فكم أضعت من الصلوات إن كنت
تصلي، وإن لم تكن تصلي فهي مصيبة -ما أعظمها من مصيبة-؛ فلقد فقدت الصلة
بينك وبين الله حين دعاك الله للقائه فأبيت وعصيت، بل وكم ضيعت من الخشوع
في الصلاة؟؟!
ألم تعلم أن الرسول أخبر أن ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل فيها؟
وكم حفظت من القرءان، وكم تقرأ من القرءان في كل يوم؟ أم أنك لا تقرأ، وكم مرة سهرت أمام التليفزيون تنظر إِلَى النساء العاريات؟
أما
تستحي من الله وهو يراك ومع ذلك يستر عليك ويرعاك، و كم من المرّات رفعت
سماعة التليفون لتعاكس بنات المسلمين وتغري بهن، وكأنك لم تعلم أن الرسول
قال:« افعل ما شئت فكما تدين تدان ».
نعم، والله سيرد إليك ما فعلته
عاجلاً أم آجلاً، فأنتظر ما فعلته يرد إليك في أختك أو أمك أو امرأتك أو
ابنتك، وكم عققت والديك ورفعت صوتك فوق صوت والديك ولم تطعهما، ولم تعلم أن
هذا من الكبائر؟
وكم أطلقت لنظرك العنان لتنظر إِلَى ما حرمه الله
عليك، وكم أضعت مالك في شراء شرائط الأغاني والفيديو، وبخلت بالإنفاق على
الفقراء والمساكين؟ وكم من الذنوب والمعاصي مستترة لا يعلمها إلا الله،
ويمر زمانك وعمرك على هذه الذنوب ولا تستيقظ إلا وأنت نائم على فراش الموت
تنظر إِلَى الدنيا بعين الحسرة والندامة، وتقول بلسان الحال { رَبِّ
ارْجِعُون.لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } ولكن { كَلاَّ
إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى
يَوْمِ يُبْعَثُونَ }..
فيا من أطلق لنفسه العنان في دنيا المعاصي والشهوات، وأطلق لنفسه النظر إِلَى الحرام، ولسمعه التلذذ بالغناء والفحش من الكلام..
أيها
العاصي كم يوم طلعت شمسه وقلبك غائب وكم ظلام أسدل ستره وأنت في دنياك
عابث، أتضحك أيها العاصي ومثلك بالبكاء أجدر، وبالحزن الطويل على ما قدمته
أولى، نسيت قبيح ما فعلت والرحمن لا ينسى، فبادر أيها المسكين قبل حلول ما
تخشى بإقلاع وإخلاص لعل الله أن يرضى، فتب وارجع إِلَى الله.
أتعرف
ما التوبة؟ نعم، التوبة هي إن ترجع إِلَى الله بقلب نظيف طاهر نادم على ما
مضى عازم على ترك الذنوب، ورافض إن تعود إليها مرة أخرى.. فماذا تنتظر؟
فماذا بعد الصحة إلا المرض وماذا بعد البقاء إلا الفناء وماذا بعد الحياة
إلا الموت؟؟
فماذا تنتظر يا عبد الله؟ فإن الموت يأتي فجأة، لا يرده
مال ولا شباب ولا جاه، فماذا تنتظر والله ينادى على الخلق في كل وقت
قائلاً ( يا ابن أدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي )
وكأنهم ما عصوه، وينادي ( يا ابن أدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم
استغفرتني غفرت لك )، وكأنهم لم يذنبوا..
فقم ولبي نداء الرحمن قائلاً:
أتوب إليك إلهي متابا
|
| ومها ابتعدت أزيد اقترابا
|
ومها تجاوزت حدي فأنى
|
| نحوك قلباً مذابا
|
فيا
عبد الله.. إنما مرض القلوب من الذنوب، وأسر العافية أن نتوب.. فطهّر قلبك
بالتوبة والعودة إِلَى الله، والله لا سعادة ولا حياة للقلب إلا في ظل
الإيمان، ولا تنظر إِلَى صغر ذنبك ولكن انظر إِلَى عظمة من عصيت..
وإن
كان ذنبك كبيراً ونفسك أمارة بالسوء، والشهوات تخطفك، والدنيا تغرّك،
والشيطان يلعب بك، وتقول أنك لا تقدر على التوبة، أقول لك استعن بالله؛
اسأله التوبة بصدق يعينك ويطهر قلبك، ويخزي شيطانك، وتطمئن نفسك، فهو
القادر على ذلك.. وكيف لا، وقد فتح باب الأمل والرجاء إِلَى الحيارى، إِلَى
اليائسين، إِلَى الذين ظلموا أنفسهم، إِلَى الذين أوغلوا في المعاصي
والخطايا..
هلمّوا إِلَى باب الرجاء والأمل..
يقول لك الله: {
قُلْ يعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ
مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ
هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } نعم نحن الذين أسرفنا على أنفسنا كثيراً، قد
فتح الله لنا باب الرجاء وقال تعالوا.. فهل سنجيب داعي الله؟
ولكن كيف نجيب داعي الله ونرجع إِلَى الله؟؟
إن هناك أربع شروط للتوبة:
1.الندم على ما فعلته.
2. الإقلاع عن هذا الذنب.
3. العزم على عدم الرجوع لهذا الذنب.
4 . رد الحقوق إلى أهلها.
هذه هي شروط التوبة بين يدك، فماذا لو فعلتها؟؟
فابشر
وأنصت إِلَى الله وهو يقول لك { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ
عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } فما أكرم الله!!
ونحن نعصي
ونخطئ ونسيء ونذنب، ثم نأوي إليه نستغفره ونتوب، فيغفر ويرحم، ويتفضّل
ويبدل مكان السيئة حسنة، وحين يرى العبد هذا الكرم يوم القيامة، يقول كما
في صحيح مسلم " يا رب عملت أشياء "ذنوب" لم أرها هاهنا " لكي يبدلها له
الله حسنات..
فيا أخي الحبيب بادر بالتوبة قبل أن يبادرك الموت، قبل
{ أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ اللَّهِ
وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ }؛ فان باب التوبة مفتوح الآن.
فإذا أردت طاعة الله والاستمرار على الطاعة:
1.
أترك أصحابك فإنهم أصحاب سوء؛ رأوك تذهب إِلَى النار ولم ينصحوك بل
ساعدوك، واعلم أن من لم يفي بعهده مع الله لن يفي بعهده معك، وصاحب صديقاً
صالحاً.
2. وعليك بالصلاة في أول الوقت في جماعة في خشوع وتدبّر وسكينة.
3.
وقراءة شيء من القرآن، ولو يسير، فالحرف بعشرة حسنات، ويا خيبة البطّالين
ويا خسارة الكسالى والتائهين في بحر الشهوات واللهو نائمين.
4. بر الوالدين، فإن الجنة تحت أقدام الأمهات.
5.
ثم أذكر الله، فإنه من أقوى أسباب الثبات على الطاعة وثوابه عظيم، فمن قال
" سبحان الله وبحمده "، غرست له نخله في الجنة، فأنظر كم ضيعنا أوقات ولم
نغرس بل عصينا الله فيها فأتقى الله يا آخي، وارجع فباب التوبة مفتوح الآن،
ولا تعلم متى يغلق.. وإن عصيت فتب، وإن أخطأت فأستغفر وارجع إِلَى ربك
راجياً رحمته، لعل الله أن يعفو ويغفر.
اللهم اغفر وارحم وأنت أرحم الراحمين.